قال الجاحظ: "مدار الأمر على البيانِ والتُّبيّن، وعلى الإفهام والتّفهم، وكلّما كان الإنسانُ أبينَ كان أحمد"
في هذا النصّ يردد الجاحظ الأمر والشأن والقضية المدروسة على (البيان والتبيُّن)، وعلى (الإفهام والتّفهّم).
ويهمني في هذا النّصّ أنّ الكلام يمكن أنْ نقسمه إلى كلام يقوم على البيان والتبيّن، وكلامٍ آخر يقوم على الإفهام والتفهم، وهذان القسمان يرتبان ترتيبًا تصاعديًّا.
أولهما الكلام الذي يقوم على (الإفهام والتفهم) وهذا الجزء المنقول بالكلام وهو (الإفهام والتفهم) يشتركُ فيه البشرُ جميعًا في أحاديثهم ومراجعاتهم الكلام مع بعضهم، ويشملُ هذا الأمر كل تلك المنقولات والعلامات التي تبلّغك مضمونها ليستقرّ في ذهنك.
والآخر منهما الكلام الذي يقوم على (البيان والتبيّن) وهنا ينضمُّ للإفهام فصل الهويّة العربيّة، ولابد أنْ يكون الكلام مركّبًا على مجاري العرب في كلامها.
وقول الجاحظ أنّه كلما كان الإنسانُ أبين كان أحمد، أي: كلما كان الإنسان أكثر التزامًا بمجاري العرب في كلامها كان الحمدُ وصفًا له؛ لأنّ البيان ميدان فسيحٌ يلجه المرء عندما يجري كلامه على مجاري كلام العرب مع استصحابه لأصل الكلام وهو الإفهام.
ويتلخّص من ذلك أنّ الكلام ينقسم إلى قسمين:
١. الكلام النقليّ الذي غايته الإفهام.
٢. والكلام البياني الذي غايته تجاوز الإفهام إلى إبراز كلاميّة الكلام أو كما عبّر محمدٌ أبو موسى بالقوة الناطقيّة في الإنسان.
٢٥/ ١٢/ ١٤٤٢
٤/ ٨/ ٢٠٢١