شرطُ البلاغة البالغةِ عند الجاحظ -وهو أمرٌ قلَّد فيه بشرًا المعتزليّ- أنْ تكون في درجةٍ من الوضوح تشعرُ فيها أنَّ اللفظ يُسابقُ المعنى، والمعنى يُسابقُ اللفظ.

وهذه المسابقة بين اللفظِ والمعنى تعني أنَّ مخاطبةِ النَّاس ينبغي أنْ تكون بما يألفون لفظًا ومعنى، وهو أمرٌ استفاده المعتزلةُ من القرآن الكريم الذي عجز العرب عن الإتيان بمثله وهم يعرفون ألفاظه ومعانيه، ولا يجهلون تراكيبه ومراميه.

وخذ قول الجاحظ حتى يتأكَّد في نفسك ما أشرتُ إليه آنفًا: "إنّ الكلام لا يكون بليغًا إلا إذا سابق معناه لفظه، ولفظه معناه، وإنَّ اللفظ البليغ يقرر المعنى الشريف تقريرًا يبلغ القلب ويتمكن من نفس السامع…"

وإنَّ ذلك كله مستفادٌ من مقصد المتكلمين في الإفهام، وأنَّ البلاغةَ آلةٌ للإفهام، وأفضلُ ما ينبغي للإفهام أنْ يتسابق اللفظ والمعنى إلى السامع فلا تنتهي حروف الكلمة في سمعه حتى تنتهي معانيها إلى قلبه، فيحدُث له بعدها نور يضيء في قلبه، وترقُّ به كبده.

٢٣/ ١٢/ ١٤٤٢

٢/ ٨/ ٢٠٢١

تاريخ النشر
08 ربيع الثاني 1445
تاريخ أخر تعديل
08 ربيع الثاني 1445
التقييم