نقل الجاحظ أنّ معاوية سأل صحارًا العبديّ عن البلاغة فأجاب بأنها الإيجار، ثم استزاده ففسَّر الإيجاز بأنْ تجيبَ فلا تبطئ، وتقولَ فلا تُخطئ.

وهذا جوهر فكرةِ الجاحظ عن بلاغة العرب التي تقوم على ركنين:

البداهة سرعةً وإنجازًا، وعبّر عنها صحارٌ بقوله: (أنْ تجيبَ فلا تبطئ)، والنّباهة حذقًا ولُطْفًا، وعبَّر عنها صحارٌ بقوله: (وتقولَ فلا تخطئ).

والإيجازُ عند صحارٍ ليس في التراكيب اللغوية، بل هو في المقامات الكلاميّة؛ لأنّ الإجابة السريعة تعني إيجازًا في زمن الحادثة اللغوية، والإصابةَ في القول تعني تقليل المراجعةِ والمناقشةِ في القول، وهو ما يشير إلى أنّ القول المصيب هو الذي يقطع مراجعة المخاطب المتكلِّم، وإذا تأمّلت هذا وجدتَه من معدن قوله: (أنْ تجيبَ فلا تبطئ).

وبذلك يظهر لي أنّ الإيجار عند صحارٍ العبديّ يقوم على الإنجاز والقطع؛ إنجاز الواقعة اللغوية فلا يطول الزمن بين الكلام والكلام، وقطع المراجعة فلا يكثر الكلام بين المتكلّم والمخاطب.

وهاتان الفكرتان: الإنجاز والقطع معادلتان لفكرتي: البداهة والنّباهة، وهما جوهر بلاغة الأعراب.

٢٣/ ١٢/ ١٤٤٢

٢/ ٨/ ٢٠٢١

تاريخ النشر
08 ربيع الثاني 1445
تاريخ أخر تعديل
08 ربيع الثاني 1445
التقييم